د. محمد أبو حمور
عدم اليقين هي الصفة التي تميز المرحلة الراهنة في ضوء الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها مختلف دول العالم، حيث أدت إجراءات الإدارة الامريكية وفرضها لرسوم التعرفة الجمركية على مستورداتها الى ما يشبه الفوضى في أسواق رأس المال والسلع الأولية بانتظار ما ستؤول اليه الأمور في ميدان التبادلات التجارية وما قد يترتب على ذلك من تراجع في نسب النمو وربما ارتفاع التضخم وازياد نسب البطالة على مستوى العالم.
والأردن ليس بمعزل عن هذه التطورات خاصة وأن الصادرات الأردنية الى الأسواق الامريكية تعادل نحو ربع الصادرات الوطنية، وهذا ما يحتم ضرورة العمل بشكل جدي والمباشرة في اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تتيح للاقتصاد الأردني مواكبة هذه التغيرات والتأقلم معها.
عادة ما تؤدي حالة عدم اليقين والتي تتميز بصعوبة التنبؤ بالتطورات الاقتصادية المستقبلية الى لجوء المستثمرين للملاذات الآمنة والتريث في اتخاذ القرارات الاستثمارية وتقل احتمالية الاستجابة السريعة لتغيرات الطلب، وهذا قد يكون سبباً في ركود الاقتصاد.
وهنا تبرز ضرورة العمل على تحسين البيئة الاستثمارية والقدرة التنافسية للمنتجات المحلية لتمكينها من مواصلة تواجدها في الأسواق المحلية والعالمية مما يتطلب من الجهات الرسمية العمل مع القطاع الخاص لتوفير ما يؤمن مواصلة النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات مع التركيز على المسارات الأشد الحاحاً والتي تؤدي دوراً اساسياً وفاعلاً في التأثير على مجمل الأنشطة الاقتصادية ومن أهمها الاستثمار باعتباره ركيزة لبناء الاقتصاد ومحركاً أساسياً في توليد فرص العمل والنهوض بالمجتمع وتحقيق طموحاته المعيشية والتنموية.
أشار أحد التقارير العالمية» التقرير الاقتصادي لتنافسية الدول على جذب الاستثمارات» الى أن أهم اثنين من العوامل الايجابية في التأثير على جذب الاستثمار تتمثل في التعليم الناتج عن مضاعفة رأس المال البشري واسهامه في إثراء العملية الإنتاجية، والتحول الرقمي والبنية التحتية المواتية للاستثمار.
أما أبرز العوامل المثبطة للاستثمار فهي العوائق البيروقراطية وارتفاع تكاليف العمل والضرائب والاستقرار الأمني ونقص العمالة الماهرة، ومن الواضح أن الأردن لديه من نقاط القوة ما يمكنه من جذب وتحفيز الاستثمارات المحلية والخارجية.
قام الأردن خلال السنوات الاخيرة بإجراء مجموعة من الإصلاحات الناظمة للاستثمار التي نأمل ان تساهم في تحسين البيئة الاستثمارية بما يؤدي لتحفيز الاستثمارات المحلية وجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية.
وهناك المزيد مما يتوجب عمله خاصة في مجال العمل لبناء تفاهم مناسب مع الإدارة الامريكية ومواصلة بذل الجهود لتخفيض كلفة المنتج الأردني وتوسيع الأسواق التصديرية وتوفير البنية التحتية الرقمية المساندة والاعتناء بالقطاعات الإنتاجية وتكثيف الجهود المبذولة لتحديث القطاع العام بهدف التغلب على العوائق البيروقراطية.
“الرأي”