الاولى المثالية لادارة المشاريع

Search
Close this search box.
اخر الاخبار

البطالةفي الاردن .. أزمة ذات جذور عميقة ومواجهتها تحتاج خطة وطنية شاملة

Facebook
Twitter
LinkedIn

قائمة العنوان

البطالةفي الاردن .. أزمة ذات جذور عميقة ومواجهتها تحتاج خطة وطنية شاملة

 

 

رغم انخفاض معدلات البطالة في الأردن إلى 21.4 % العام الماضي، إلا أن خبراء أكدوا أن هذا التراجع لا يعكس نموا حقيقيا في سوق العمل، لتبقى مشكلة البطالة من التحديات الرئيسة لسنوات متتالية.

وأشار الخبراء إلى أن استمرار عجز السياسات الحكومية عن معالجة التحديات الأساسية لسوق العمل، يفرض وجود خطة وطنية واضحة ومتكاملة تعالج المشكلة، مؤكدين في الوقت نفسه أن فئات متعددة لا تدخل في احتساب مؤشرات البطالة، مثل المحبطين من الحصول على فرص عمل أو الذين يعملون في وظائف غير رسمية تحرمهم من حقوقهم الأساسية، ما يزيد من معدلات البطالة الحقيقية.

وشدد الخبراء على ضرورة العمل ضمن مسارات متعددة في عملية الإصلاح الاقتصادي، على رأسها رفع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات تسمح بتوفير فرص العمل بوتيرة تسمح بـ”نسف معدلات البطالة”.
بيانات وأرقام
وفق أحدث بيانات نشرتها دائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل البطالة 21.4 % في نهاية العام الماضي مقارنة مع 22 % العام الذي سبقه.
وأظهرت هذه البيانات أن معدل البطالة لدى الذكور بلغ 18.2 % خلال العام 2024 مقابل 32.9 % للإناث.
مشكلة متجذرة
في هذا الشأن، قال مدير المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” حمادة أبو نجمة “إن تراجع معدل البطالة العام الماضي عن سابقه لا يمكن اعتباره تحسنا حقيقيا أو مؤشرا على تطور ملموس في سوق العمل، فالمشكلة ما تزال قائمة بجذورها العميقة”.
وأوضح أبو نجمة أن معدلات البطالة ما تزال مرتفعة، خاصة بين الشباب وخريجي الجامعات الذين يعانون من ضعف فرص التوظيف واستمرار الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، كما أن معظم فرص العمل المستحدثة تتركز في القطاعات غير المستقرة أو ذات الأجور المتدنية، مما يجعلها غير كافية لتلبية طموحات القوى العاملة الشابة أو ضمان استقرارهم الوظيفي.
واعتبر أبو نجمة أن التراجع الطفيف لا يعكس تحسنا في سياسات سوق العمل، بل يأتي في سياق مجموعة من العوامل المؤقتة التي قد لا تستمر في تحقيق الأثر نفسه خلال الأعوام المقبلة، فما تزال السياسات الحكومية عاجزة عن تحقيق نقلة نوعية في معالجة التحديات الأساسية لسوق العمل، بما في ذلك ضعف بيئة الاستثمار وغياب الحوافز الحقيقية لتوفير فرص عمل مستدامة واستمرار الاعتماد على حلول جزئية، مثل برامج التشغيل المؤقتة أو التوسع في العمل غير الرسمي.
وقال أبو نجمة “رغم الجهود المعلنة ضمن خطة التحديث الاقتصادي، إلا أن هذه الخطة لم تحقق أهدافها المأمولة فيما يتعلق بزيادة معدلات النمو الاقتصادي أو توفير فرص عمل حقيقية، إذ ما تزال معدلات النمو عند مستويات لا تتجاوز 2-3 %، وهي نسبة لا تكفي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل”.
وأضاف “أن التجارب الاقتصادية العالمية تشير إلى أن أي تخفيض حقيقي ومستدام في معدلات البطالة يتطلب نموا اقتصاديا لا يقل عن 6 % سنويا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن في الأردن”.
وفي ظل هذه التحديات، قال أبو نجمة “لا يمكن الحديث عن انخفاض البطالة كإنجاز من دون وجود خطة وطنية واضحة ومتكاملة تعالج المشكلة من جذورها، وما تزال هناك حاجة ماسة لإصلاح سياسات سوق العمل بحيث تواكب التطورات الاقتصادية وتوفر بيئة تشغيل مستقرة”.
من جهة أخرى، يشهد سوق العمل، بحسب أبو نجمة، تحولا ملحوظا في توجهات الشباب؛ إذ يبتعد الكثيرون عن البحث عن وظائف تقليدية ويتجهون نحو العمل الحر وريادة الأعمال كبديل عن الانتظار الطويل للحصول على وظيفة في القطاعين العام أو الخاص.
ورد أبو نجمة هذا التوجه إلى عوامل عدة، من أبرزها محدودية الفرص الوظيفية المستقرة، وتراجع الأجور مقارنة بتكاليف المعيشة وازدياد الفرص المتاحة عبر الإنترنت والمشاريع الصغيرة.
ورغم أن هذا التحول قد يحمل بعض الإيجابيات من ناحية تعزيز الابتكار وإيجاد مسارات مهنية جديدة، إلا أنه يطرح تحديات كبيرة على منظومة العمل، مثل الأطر القانونية والتنظيمية لهذا النوع من العمل، ما يعني أن الكثير من العاملين لحسابهم الخاص يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية، مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
وقال أبو نجمة “المعالجة الفعالة للبطالة تتطلب رؤية اقتصادية أشمل، تركز على دعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحفيز بيئة الأعمال والاستثمار، إضافة إلى تطوير سياسات تشغيل تضمن تكافؤ الفرص وتحسن شروط العمل”.
مصفوفة رباعية
لمواجهة البطالة
من جهته، قال المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة “إن البطالة باتت تحديا طويل الأجل”.
ولمواجهة هذا التحدي، قال زوانة “إن الأمر يتطلب استخدام “مصفوفة رباعية” تبدأ من النمو الاقتصادي مرورا بإصلاح سوق العمل، وإصلاح التعليم، وصولا إلى إعادة هيكلة نمط التفكير الاجتماعي والأسري”.
وأوضح زوانة أن النمو الاقتصادي عامل أساسي في توفير فرص العمل، وكذلك إصلاح خلل سوق العمل، إذ لا يعقل أن وجود أكثر من نصف مليون عامل وافد يحتكرون مجموعة أساسية من المهن في الزراعة والإنشاءات وتجارة المفرّق، مقابل وجود أكثر من 400 ألف أردني عاطل عن العمل.
كما أشار زوانة إلى أن التعليم بجميع مراحله يجب أن يكون قطاعا مرتبطا باحتياجات الاقتصاد الأردني ومواكبا لتطورات العلم والمعرفة المهنية وتخصصاتها التي أصبحت ترتكز إلى علوم الحاسب الآلي والتكنولوجيا، خاصة أن القطاع شهد تراجعات ملموسة وتخلف عن احتياجات السوق ويحاول بطيئا اللحاق بتطورات التكنولوجيا التي تسارع سريعا في إحداث تأثيراتها على اقتصادات العالم.
وفيما يتعلق بتغيير نمط التفكير المجتمعي والأسري الذي ما يزال متعلقا بتدريس الأبناء التخصصات التقليدية، مثل الهندسة والطب مع الابتعاد عن التعليم المهني المستند للتكنولوجيا، فاعتبر أن ذلك يهدر الموارد وينتج كفاءات غير مطلوبة في السوق.
عمالة محبطة خارج
أرقام البطالة
وقال الخبير الاقتصادي د. قاسم الحموري “إن الرقم المسجل فيه إشكاليات كثيرة في تقديري”، معتبرا أن تراجعها بنسبة 0.6 % بين عامين، لا يعني الكثير بالفروقات الإحصائية، كما أن هناك الكثير من العاطلين لا يسجلون في البطالة وهم يعرفون بالعمالة المحبطة.
هذا يعني، وفقا لقراءة الحموري، أن البطالة ما تزال تراوح مكانها من دون أي حلول؛ حيث لا يمكن القول إن هذه القضية تمت مواجهتها من دون معالجة مشكلة النمو الاقتصادي التي تعد مسببا رئيسا في البطالة.
وأضح أن النمو الاقتصادي ما يزال ضعيفا ولسنوات متتالية؛ إذ ما يزال معدل النمو يراوح 2 % منذ نحو 15 عاما، بحسب الحموري، ما ينتج عنه تباطؤ اقتصادي وبالتالي معدلات بطالة مرتفعة.
إلى ذلك، قال الحموري “إن تطبيق رؤية التحديث الاقتصادي التي من مخرجاتها مواجهة البطالة يواجهه توافر الموارد المالية، التي تحتاج إلى مخصصات كبيرة مقابل وجود مديونية مرتفعة، كما أن خدمة الدين تستنزف معظم الموارد”.
واعتبر الحموري ضعف الاقتصاد السبب الأساس في البطالة، مع تراجع ثقافة العيب لدى فئة كبيرة من الشباب الذين أصبحوا يعلمون في مهن، مثل تطبيقات النقل أو الضيافة، على الرغم من شهاداتهم الجامعية.

مشاركة الموضوع:

Facebook
Twitter
LinkedIn

Leave A Reply